Top Ad unit 728 × 90

أخبار

recent

رمضان العبد .. النصاب الذى باع ترام القاهرة بـ 200 جنيه في الأربعينات !


مصر أم العجائب.. فلدينا نحن أهلها العديد من القصص الفكاهية والنوادر والطرائف الظريفة والكثير من المضحكات، فهل تتذكرون فيلم العتبة الخضراء؟، وهل تتذكرون واقعة بيع التروماي؟، هل تعتقدون أن هناك ثمة رابط بينهما؟!..
حسناً، من المؤكد أن جميعنا شاهد فيلم «العتبة الخضراء»، والذى تم إنتاجه فى عام 1959م، ليقوم ببطولته فنان الكوميديا الراحل «إسماعيل يس»، وأصيب أثناء المشاهدة بنوبات من الضحك الهيستري علي القروى الساذج البسيط، الذى أستغله أحد النصابين البارعين؛ ليبيع له «ميدان عديلة – العتبة الخضرة سابقًا» في أطرف عملية نصب حدثت وقائعها علي الشاشة الفضية.
ومن المُؤكد أيضاً أن جميعنا سمع بالمثل الشعبي القائل ( عامل زي اللي أشتري التروماي ) كدلالة علي الوقوع في شباك عملية نصب وإحتيال، ولم يخطر ببال أيًا منا أثناء مشاهدته للفيلم أو سماعه للمثل الشعبي، أن قصة الفيلم مستمدة من حكاية قديمة حدث قديمًا في مصر، وتندر أهلها بها في أمثالهم وحكاياتهم الشعبية.
إنها ليست مزحة؛ بل واقعة حقيقة، حدثت بالفعل تقريبًا في عام 1946م، بين نصاب شاب يُدعى رمضان أبو زيد العبد، اعتبر فيما بعد واحد من أشهر النصابين في مصر، وشاب قروي بسيط يُدعى «حفظ الله سليمان»؛ لتكتب لكلاهما الخلود الأول كأفضل وأذكى وأشهر نصاب، والثانى كأسذج قروى شهدته المحروسة، وأول شخص يشترى الترام في العالم.
وقد سجلت جريدة «أخبار اليوم» القصة علي صفحاتها في عددها الصادر بتاريخ 3/1/1948م، وذاع صيت هذه القصة عالميًا، حتى أن مجلة لندن المصورة نشرت لوحة فنية فى صدر غلافها تجسد تلك القصة التى ينطبق عليها مثل “شر البلية ما يضحك.

حوار جريدة «أخبار اليوم» مع «رمضان العبد» عقب خروجه من السجن

جريدة «أخبار اليوم» في عددها الصادر بتاريخ 3/1/1948م
ليقوم فيما بعد المؤلف «جليل البنداري» بتحويل هذا الحادث الشهير إلى فيلم سينمائي باسم «العتبة الخضراء»، وذلك في عام 1959م، قام فيه «أحمد مظهر» فيه بدور النصاب الظريف، و«إسماعيل يس» بدور القروي الساذج.

مُلصق دعائي لفيلم العتبة الخضراء
كما تم توثيق القصة في كتاب «ترام القاهرة – دراسة تاريخية أدبية إجتماعية» للمؤلف «محمد سيد كيلاني»، والذي صدرت الطبعة الأولى منه منذ أكثر من أربعين عاما، وأعيد طبعه مؤخراً في عام 2010م، ضمن إصدارات سلسة «ذاكرة الوطن»، والتى تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة.
ولمعرفة تفاصيل القصة الطريقة والمثيرة لوقائع بيع «ترام القاهرة» نرجع للوراء، وتحديداً لعام 1948م، عقب خروج النصاب الظريف «رمضان العبد» من السجن، وهو بعمر الـ 27 عاماً ، ليروي للصحافة قصة بيعه الترام لأحد القرويين، في الحادثة التي كانت علي ما يبدو أعظم انجازاته في عالم النصب.

رمضان أبوزيد العبد النصاب الذي باع الترام
حيث يقول في روايته لجريدة «أخبار اليوم»، أنه كان يركب الترام رقم 30 في شارع القصر العيني، وكان بجواره أحد القرويين البسطاء، الذى يبدو عليه علامات السذاجة المفرطة، فشعر أنه يمكن أن يكون فريسة سهلة له، فبادر النصاب، وأعطاه سيجارة، وبدء النصاب الظريف والقروي البسيط يتبادلان أطراف الحديث.
وأثناء الحديث عرف منه «العبد»، أنه قروى يُدعى «حفظ الله»، جاء للقاهرة؛ ليستثمر المبلغ المالى الذى معه فى عمل خاص يليق به، وأن معه بعض المال، الذي سيمكنه من البدء في العمل..
فعرض عليه النصاب بعض المشاريع، ولكنه رفضها، فأعطاه سيجارة أخرى، وأشعل لنفسه واحدة، وأستغرق في التفكير، وعندها أبدي القروي ملاحظة علي إزدحام الترام، فقفزت الفكرة سريعًا إلى رأسه، فعرض عليه النصاب أن يشتري الترام؛ ليدر عليه مالا وفيرًا؛ لأنه مشروع المضمون، فأبتهج القروي الساذج، وتحمس للعرض.

صوره لترام القاهرة في أربيعنيات القرن الماضي
وبالفعل قاما سويًا بالتوجه للمحامى للحصول على عقد بيع، حيث استعان النصاب بصديق له يعمل لدى أحد المحامين؛ ليجهز صيغة عقد بيع (دون علم المحامى صاحب المكتب بالطبع)، بصم عليه القروي المسكين بإبهام يده، فقد كان لا يجيد سوى قراءة الأرقام فقط.
وطلب النصاب مبلغ 200 جنيه ثمنًا للترام، مؤكداً للقروي أنه نظراً لكونهما «بلديات» طلب منه هذا السعر البخث في الترام، الذي لا يقل سعره بأي حال من الأحوال لو قرر بيعُه لشخص غريب عن ألف جنيه مصري.
وبعد المساومة والإلحاح من القروى، الذى أخبره أنه ليس معه سوى 83 جنيها فقط، فعرض عليه النصاب أن يترك له 3 جنيهات، ويأخذ منه 80 جنيهًا، ويختم على كمبيالة بمبلغ 120 جنيهًا، ليكون إجمالى المبلغ 200 جنيه للترام.
وفى ميدان العتبة، وقف «حفظ الله»، ينتظر بمنتهى اللهفة الترام رقم 30 ؛ كى يقوم بإستلامه وتشغيله، وما لبث أن أبصره قائلًا:- «أهه»، فبادر النصاب، واتجه إلى مُحصل التذاكر (الكمسارى)، وترك «حفظ الله»، مع زميله ليتولى مهمة إلهائه، وأعطى النصاب قرش صاغ كامل للكمسرى..
كانت التذكرة حينها بمبلغ 8 مليمات فقط، وطلب من الكمسارى أن يحتفظ بالباقى نظير الأهتمام ببلدياته؛ الذي سينزل في أخر الخط في إشارة إلي القروي «حفظ الله»، لأنه غريب ولا يعرف شيئًا، وسينزل فى آخر الخط.
حرص زميل النصاب على ألا يرى «حفظ الله» من هذا الحوار سوى مشهد الكمسارى وهو يحيى النصاب، الذى ترك له الباقى ليهتم بقريبه القروى، بعدها ربت النصاب على كتف «حفظ الله»، وأخبره أنه عند نهاية الخط عليه أن يذهب إلى المحصل لإستلام الإيراد كاملاً، وإلا سيتم إلغاء البيع، وعليه أن يراقب حركة دفع الركاب بنفسه.
وعند صعود «حفظ الله» نادى النصاب بأعلى صوته على الكمسارى مًحصل التذاكر قائلاً له:- «خلى بالك»، فرد عليه:- «خلاص فهمت»، فأبتسم «حفظ الله»، وقال له النصاب بأعلى صوته أمام الكمسارى:- «تطالبه بكل الفلوس وإلا نلغى البيع»، فهز «حفظ الله» برأسه موافقًا، ولم يفهم الكمسارى شيئًا، وظن أنهما يتحدثان عن صفقة فى البلد.
عند نهاية الخط نبه الكمساري «حفظ الله» بأن عليه النزول، فطلب الأخير الإيراد فدهش الكمساري، وقال له:- «أى إيراد»، فرد عليه:- «آه .. فاكرنى عبيط»، وزادت دهشة الكمسارى حين قال له «حفظ الله»:- «ألم يقل أمامك تطالبه بكل الفلوس وإلا نلغى البيع»، وسأل الكمسارى بأندهاش أكبر:- «أى بيع ؟!»، فرد عليه «حفظ الله» منفعلاً وقد خرج عن شعوره:- «أنت هتنصب عليا»، وتطور الأمر إلى خناقة أنتهت فى قسم الشرطة.
وهناك أكتشف القروي «حفظ الله» أنه المغفل الساذج، الذى أستُغلت بساطته وسذاجته لإقاعه في شباك عملية نصب، ولسوء حظ «رمضان العبد» النصاب أن الشرطة كانت تحفظ بقائمة سوابقه، فقبض عليه، وتم عرضه على «حفظ الله»، الذى بدوره تعرف عليه، فدخل السجن، وأمضى فيه سنتين و6 أشهر.. وهكذا أسدل الستار على قصة أول قروى ساذج يشترى الترام فى العالم.
المصدر :كتاب «ترام القاهرة – دراسة تاريخية أدبية إجتماعية» للمؤلف محمد سيد كيلاني.
رمضان العبد .. النصاب الذى باع ترام القاهرة بـ 200 جنيه في الأربعينات ! Reviewed by akram gad on 10:24 م Rating: 5
All Rights Reserved by EGYMAGA © 2014 - 2015
Powered By Blogger, Designed by Sweetheme

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.